25/04/2004
النظام الأساسي لرابطة مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في أفريقيا والعالم العربي
|
|
تمهيـد :
إن رؤساء مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في أفريقيا والعالم العربي، المجتمعون في الرباط يومي 6 و7 يونيو 2002م وهـم:
– يسجلون بارتياح انتشار نظام الثنائية البرلمانية في أفريقيا والعالم العربي ورغبة العديد من الدول اعتماد هذا النظام في المستقبل القريب.
– واعون بأهمية تقاسم القيم المشتركة في ميدان الديمقراطية والوصول إلى تحقيق دولة القانون.
– حريصون على أن تقوم هذه المجالس بدور فاعل في تقوية روابط التعاون بين الدول العربية والأفريقية في نطاق إحترام التنوع الثقافي وأن تقوم بإسهام في تقوية دور المجالس الثانية في الحوار الديمقراطي.
– متطلعون إلى تعزيز مكانة الدول العربية والأفريقية في سياق التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم في مختلف المجالات ومسايرة منطق الوحدة والتكتل الذي بات يفرضه تصاعد وتيرة العولمة لتحقيق تعاون أوثق.
– وتحدوهم الرغبة الأكيدة في لعب دور أكثر فاعلية وتأثير في مضمار الجهود الدولية الرامية إلى القضاء على أسباب التوتر والعنف والمساهمة في استتباب الأمن والسلم في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط والعالم.
– متطلعون إلى دعم الجهود المبذولة لمحاربة الفقر والجوع والقضاء على التخلف بكل أشكاله وتعزيز دور المرأة لتحقيق التنمية الشاملة والمستديمة لكل الشعوب.
اتفقوا على ما يلي:
* المـــادة الأولــــى :
إنشاء رابطة للتعاون بين مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة لها في أفريقيا والعالم العربي، تضم المجالس التالية:
|
المجلس الوطني للأقاليم بإفريقيا الجنوبية |
|
مجلس المستشارين بالمغرب |
|
مجلس الأمة بالجزائر |
|
مجلس الشيوخ بموريتانيا |
|
مجلس الرؤساء ببوتسوانا |
|
المجلس الوطني بناميبيا |
|
مجلس الفيدرالية بإثيوبيا |
|
مجلس الشيوخ بنيجيريا |
|
مجلس الشيوخ بالغابون |
|
مجلس الشيوخ بسوازيلاند |
|
مجلس الأعيان بالأردن |
|
مجلس الشـورى باليمـن |
|
مجلس الشيوخ بلوسوطو |
|
|
وتعتبر هذه الرابطة مفتوحة للانضمام إليها كعضو كامل العضوية في أمام كل مجلس مماثل تقدم بطلب ذلك.
كما ترحب هذه الرابطة بالمجالس المماثلة وبالمنظمات البرلمانية للمشاركة في أعمالها كعضو ملاحظ.
* المادة الثانية: الأهـداف:
إن رابطة مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في أفريقا والعالم العربي تضع في طليعة إاهتماماتها دعم الثنائية البرلمانية وتقوية التعاون بين الشعوب اقتصادياً وسياسياً وثقافياً وأن تقوم بدعم الجهود البرلمانية العربية والأفريقية والإسلامية والدولية ومواكبتها والإسهام في الأنشطة البرلمانية للإتحاد البرلماني العربي والإفريقي والإسلامي والدولي والحوارات المنبثقة عنها لتحقيق أهدافها.
* المادة الثالثة:
إن رابطة مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في أفريقا والعالم العربي :
– تنظم اجتماعاً سنوياً ، على الأقل، لأعضائها حول مواضيع ذات الاهتمام المشترك.
– تقوم بإنجاز دراسات مشتركة، وتيسير التعاون بين الإدارات البرلمانية وتبادل التكوين والخبرات.
– ولها أن تقرر باقتراح من أحد أعضائها، إنشاء مجموعة عمل مؤقتة مكونة من رؤساء المجالس أو ممثليهم للقيام بدراسة موضوع محدد.
* المادة الرابعة: طـرق المداولة :
تقرر الرابطة في شأن القضايا المعروضة عليها بالتوافق وإذا تعذر ذلك فبأغلبية ثلثي الأعضاء.
* المادة الخامسة : اجتماعات الرابطة :
1) تعقد الاجتماعات السنوية للرابطة في إحدى الدول الأعضاء حسب الترتيب الأبجدي وإذا تعذر ذلك فالدولة التي تليها حسب الترتيب وإذا تعذر فباقتراح من إحدى الدول الأعضاء.
2) وإلى حين انعقاد الاجتماع التالي للرابطة يتولى رئيس المجلس المضيف مهمة التنسيق بين مختلف المجالس الأعضاء.
3) يمكن عقد اجتماع استثنائي بطلب من إحدى الرؤساء بعد موافقة ثلثي الأعضاء، ويتم هذا الاجتماع في مقر البلد صاحب المبادرة.
* المادة السادسة : جـدول الأعمال :
1) يتم الاتفاق على جدول الأعمال للرابطة باقتراح من البلد المضيف.
2) إن تاريخ وجدول أعمال الاجتماع العادي للرابطة يتم إبلاغه للمجالس الأعضاء قبل شهرين من الاجتماع.
3) ويبلغ تاريخ وجدول أعمال الاجتماع الاستثنائي قبل شهر من انعقاده.
4) تعميم وثائق العمل في كلتا الحالتين قبل أسبوعين من انعقاد الاجتماع أخذاً بعين الاعتبار الاقتراحات المقدمة من طرف الرؤساء.
* المادة السابعة : خلاصات الاجتماعات:
يتكون مكتب المؤتمر من رئيس مجلس البلد المضيف وعضوية الرئيس السابق والرئيس المقبل ويتم إعداد ملخص الاجتماعات من قبل المجلس المضيف ويتم إبلاغه للمجالس الأعضاء في الرابطة.
* المادة الثامنة: لغات الاجتماع :
تعتبر العربية والفرنسية والإنجليزية لغات الرابطة ويقوم المجلس المضيف بتأمين الترجمة الفورية من وإلى هذه اللغات.
* المادة التاسعة: التعـديلات:
– يمكن تعديل هذا النظام باقتراح من أحد رؤساء المجالس الأعضاء، ويعرض اقتراح التعديل على الاجتماع المقبل للرابطة قصد إقراراه بالتوافق وإذا تعذر ذلك فبأغلبية الثلثين.
– يبلغ كل اقتراح تعديل من قبل رئيس الرابطة فور التوصل به إلى كافة المجالس الأعضاء.
مشروع النظام الداخلي لرابطة مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في أفريقيا والعالم العربي
|
مادة (1) : تنفيذاً لأحكام النظام الأساسي للرابطة يسمى هذا النظام { النظام الداخلي لرابطة مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في أفريقيا والعالم العربي }.
مادة (2) : تكون للألفاظ والعبارات التالية المعاني المبينة قرين كل منها :
الرابطة : |
رابطة مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في أفريقيا والعالم العربي.
|
المجلس : |
مجلس الرابطة.
|
المؤتمر : |
المؤتمر العام للرابطة. |
رئيس الرابطة : |
رئيس مجلس الرابطة. |
الأمين العام :
|
الأمين العام للرابطة.
|
الأمانة العامة :
|
الأمانة العامة للرابطة.
|
الشعبة : |
الشعبة البرلمانية المشاركة في الرابطة.
|
المقر : |
مقر الرابطة.
|
الأهـداف والتكوينات
مادة (3): تعمل رابطة مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في أفريقيا والعالم العربي على تنفيذ أحكام النظام الأساسي للرابطة، وتهدف إلى تحقيق الأغراض التالية :–
-
دعم الثنائية البرلمانية وتقوية التعاون بين الشعوب في مختلف المجالات.
-
دعم الجهود البرلمانية العربية والأفريقية والإسلامية والدولية ومواكبتها.
-
تعزيز اللقاءات والحوار بين مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة وفيما بين أعضائها في سبيل العمل الفاعل المشترك وتنسيق التعاون وتبادل الخبرات.
-
تنسيق جهود مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في المؤتمرات والمنظمات الإقليمية والدولية.
-
الإسهام في الأنشطة البرلمانية للإتحاد البرلماني العربي والأفريقي والإسلامي والدولي والحوارات المنبثقة عنها.
-
النظر في المسائل ذات الاهتمام المشترك في النطاق الإقليمي والدولي لاتخاذ التوصيات والقرارات المناسبة بشأنها.
-
الاهتمام بتعميق المفاهيم والقيم الديمقراطية ورعاية منظمات المجتمع المدني وحماية حقوق الإنسان.
مادة (4): تتألف رابطة مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في أفريقيا والعالم العربي من الشُعب البرلمانية التي تمثل المجالس الأعضاء في الرابطة.
مادة (5) : تكون للرابطة الأجهزة التالية:ـ
أ- المؤتمـر .
ب- مجلس الرابطة .
ج- الأمانة العامة.
المـؤتمــر
مادة (6) :
– يتولى المؤتمر النظر في القضايا التي تعرض عليه في نطاق الأهداف المبينة في المادة الأولى وتصدر بشأنها التوصيات والقرارات بالتوافق، وإذا تعذر ذلك فبأغلبية ثلثي الأعضاء.
– كما يتولى المؤتمر الاختصاص بالنظر في وضع النظام الأساسي أو تعديله والمصادقة عليه وفقاً للإجراءات التي تحددها المادة (9) من النظام الأساسي للرابطة.
– يتولى المؤتمر بناءاً على اقتراح مكتب المؤتمر تشكيل لجان من بين أعضائه تساعده في تسيير أعماله، وهو الذي يحدد عددها واختصاصها.
مادة (7) : يعقد المؤتمر في الموعد والمكان الذي يحددهما مجلس الرابطة كلما رأى ذلك مناسباً للنظر في الموضوعات التي يقترحها.
مادة (8) : يتكون المؤتمر من وفود تسميها شعبهم الوطنية، وتكون رئاسة المؤتمر لشعبة الدولة المضيفة.
مادة (9) : يعمل مكتب المؤتمر على تسهيل أعمال المؤتمر ومتابعة تنفيذ ما يسند إليه من مهام.
مادة (10): على كل شعبة إبلاغ مجلسها قرارات وتوصيات المؤتمر، وعليها أن تعلم الأمانة العامة بنتيجة مساعيها في هذا الصدد.
مجلس الرابطة
مادة (11):
أ- يتألف مجلس الرابطة من عضوين عن كل شعبة تسميها قبل موعد انعقاد المجلس، ويجوز لكل شعبة أن توفد أعضاء آخرين لا يزيد عددهم عن ثلاثة.
ب- تكون رئاسة المجلس بالتناوب سنوياً وفق الترتيب الهجائي لأسماء الشعب المشاركة، ويجوز للشعبة المعنية أن تتنازل للشعبة التي تليها في الترتيب.
ج- يجوز تمديد رئاسة المجلس لسنة ثانية بناء على طلب من شعبة أو أكثر وموافقة أغلبية الثلثين.
د- في حالة زوال أهلية الشعبة التي تتولى الرئاسة تنتقل الرئاسة تلقائياً إلى الشعبة التي تليها في الترتيب الهجائي.
هـ- يكون لكل شعبة صوتان في مجلس الرابطة.
مادة (12): يتولى مجلس الرابطة ما يلـي:
أ- وضع وتعديل الأنظمة الداخلية والمالية والإدارية وغيرها بموافقة الأغلبية للشعب الأعضاء.
ب- وضع جدول أعمال المؤتمر وتوجيه الدعوة لانعقاده وتعيين مكان الانعقاد وموعده.
ج- تلقى المقترحات ودراستها والبت فيها أو إحالتها إلى إحدى اللجان المتخصصة للمزيد من الدراسة.
د- النظر في الطلبات التي تقدم للانضمام إلى الرابطة والبت فيها.
هـ- تشكيل لجان من بين أعضائه تساعده في تسيير أعماله، وهو الذي يحدد عددها واختصاصاتها.
و- دراسة وإقرار مشروع موازنة الرابطة السنوية ومراجعة حسابات السنة الماضية والتصديق عليها.
ز- تعيين الأمين العام للرابطة بالأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس.
ح- تعيين مراجع قانوني وتحديد أتعابه.
ط- القيام بالمهام التي يكلفه بها المؤتمر.
– ولمجلس الرابطة بصفة عامة اتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها تحقيق أهداف الرابطة.
مادة (13):
أ- يجتمع مجلس الرابطة مرة في السنة على الأقل ويكون عقده بالتناوب في إحدى الدول الأعضاء حسب الترتيب الهجائي ما لم يقرر مجلس الرابطة غير ذلك.
ب- كذلك يدعو رئيس مجلس الرابطة رؤساء الشعب الأعضاء أو من ينوبهم للاجتماع في مقر الرابطة في النصف الثاني من كل عام، وذلك من أجل تهيئة الموضوعات وتنسيق مواقف الوفود في المؤتمرات والمنتديات الدولية.
ج- يجوز لرئيس مجلس الرابطة أن يدعو المجلس إلى جلسة استثنائية إذا رأى لزوماً لذلك أو بناءاً على طلب من إحدى رؤساء الشعب، وذلك بعد موافقة ثلثي الأعضاء.
مادة (14): تطبق أحكام النظام الأساسي للرابطة على سير أعمال المجلس وخاصة ما يتعلق بجدول الأعمال وطرق المداولة والتصويت.
الأمانة العامة
مادة (15):
أ- يكون للرابطة أمانة عامة مقرها { } ويعين مجلس الرابطة الأمين العام بالأغلبية المطلقة لأعضائه بناءاً على ترشيح إحدى الشعب وتزكية شعبة أخرى، ويكون تعيين الأمين العام من بين الأشخاص ذوي الخبرة في الشئون البرلمانية المشهود لهم بالكفاءة العلمية والإدارية لمدة سنتين قابلة للتجديد، ويحدد مجلس الرابطة مرتبه ومخصصاته.
ب- يحدد مجلس الرابطة بناءاً على ترشيح الأمين العام العدد الكافي من المساعدين والمديرين والموظفين، على أن يراعى عند اختيارهم الخبرة وتمثيل الدول الأعضاء قدر الإمكان.
ج- يجوز لرئيس المجلس أن يفوض الأمين العام بتعيين الموظفين الإداريين اللازمين لتسيير أعمال الرابطة في حدود الموازنة المعتمدة من المجلس والملاك الوظيفي للأمانة العامة.
مادة (16): يعد الأمين العام تقريراً سنوياً يعرض فيه نشاط الرابطة بهيئاتها ومنجزاتها والتطورات المتصلة بشئون شعب ومجالس الدول الأعضاء في ضوء تقارير الشعب المرفوعة قبل انعقاد المجلس بشهرين على الأقل.
ويرسل الأمين العام هذا التقرير إلى الشعب المشتركة في الرابطة قبل اجتماع المجلس بمدة لا تقل عن الشهر، ويكون هذا التقرير أساساً لمناقشة عامة تبدأ بها أعمال المجلس.
مادة (17): تتولى الأمانة العامة للرابطة الأعمال التالية :
أ- تنظيم وتسيير الاتصال الدائم بين الشعب وبين الرابطة وغيرها من الهيئات والمنظمات الدولية.
ب- إعداد الموضوعات التي تعرض على مجلس الرابطة ومؤتمراته وإعداد الوثائق والتقارير اللازمة لذلك، مع تنظيم المحاضر والمضابط والمراسلات.
ج- حفظ الوثائق وتنظيم أرشفتها.
د- الشئون المالية والإدارية للرابطة بهيئاتها.
هـ- إبلاغ القرارات والتوصيات التي يتخذها المؤتمر أو مجلس الرابطة إلى الشعب والحكومات والجهات الأخرى التي يعنيها الأمر.
اللجـان
مادة (18): لمجلس الرابطة أن يشكل من بين أعضائه اللجان التالية :
– اللجنة القانونية .
– لجنة الشئون السياسية والعلاقات البرلمانية.
– لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاجتماعية.
– كما يجوز تشكيل لجان مؤقتة لموضوع محدد.
مادة (19):
أ- تنتخب كل لجنة في أول اجتماع لها رئيساً ومقرراً من بين أعضائها.
ب- يكون اجتماع اللجان قانونياً بحضور نصف أعضائها على الأقل، وتتخذ القرارات بأكثرية الحاضرين.
مادة (20): تحال المقترحات والتقارير وغيرها من الوثائق إلى رؤساء اللجان من قبل الأمين العام بالاتفاق مع رئيس مجلس الرابطة، وتقدم اللجان نتائج أعمالها إلى الأمانة العامة التي تتولى عرضها على مجلس الرابطة أو تنفيذ ما يمكن تنفيذه منها.
مادة (21):
أ- تجتمع اللجان المشار إليها سابقاً حينما ينعقد مجلس الرابطة في المكان والزمان المقرر في الاجتماع.
ب- تجتمع اللجان أو بعض منها بناءاً على دعوة من رئيس مجلس الرابطة، وتعقد اجتماعها في مقر المجلس.
أحكام عامة
مادة (22): تساهم الشعب الأعضاء في موازنة الرابطة وفقاً للقواعد التي يقررها مجلس الرابطة وبالنسب التي يحددها سنوياً أو ما يقرره من تعديلات.
مادة (23): يجوز تعديل هذا النظام الداخلي للرابطة باقتراح خطي من إحدى الشعب مع تزكية شعبة أخرى على الأقل قبل انعقاد الاجتماع بشهرين وبموافقة أغلبية الشعب الأعضاء.
مادة (24): لرابطة مجالس الشيوخ والمجالس المماثلة في أفريقيا والعالم العربي شخصية اعتبارية يمثلها رئيس مجلس الرابطة أو من ينوب عنه.
الثنائية البرلمانية خيار أمثل لتوسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار وتنفيذه
|
المقدمة:
حرص واضعو دساتير معظم البلدان التي تنتهج النهج الديمقراطي القائم على التعددية السياسية إلى الأخذ بما حظ علية المفكرون السياسيون من ضرورة توسيع أطر المشاركة الشعبية في صنع القرار وتنفيذه.
حيث وضعوا في دساتيرهم نصوصاً تلزم بانتخاب مجلس نواب يمثل القاعدة العريضة من الشعب ، وإنشاء مجلس أخر عن طريق التعيين أو الانتخاب أو التعيين والانتخاب معاً ليشمل تمثيل مختلف الفئات والتكوينات والتخصصات التي لم تصل أو تمثل في المجلس النيابي، وبما أن الأسس التي يقوم عليها نظام الثنائية البرلمانية قد أتاحت تعدداً وتنوعاً في أطر وأنماط ومستويات التمثيل الشعبي ضمن السلطة التشريعية، فإنه يمكن من خلالها استيعاب صور المطالب الشعبية المنادية بزيادة المشاركة الشعبية. إضافة إلى ما يفرضه هذا النظام من ضوابط باشتراط كفاءات وخبرات وتخصصات في عضوية المجالس العليا ( الغرفة البرلمانية الثانية ).
بالإضافة إلى أن نظام الثنائية البرلمانية قد كفل النجاح للعملية التشريعية وحقق التوازن بين السلطات.
ولا غرابه أن يكون التوجه العالمي متنامياً نحو الأخذ بنظام الثنائية البرلمانية ، حيث تزايد عدد الدول المطبقة لهذا النظام من (45) دولة عام 1970م إلى أكثر من (76) دولة عام 2003م والجدير بالذكر أن هذا الرقم لا يزال في تصاعد مستمر فهناك في الوقت الحاضر أكثر من (20) دولة تسعى إلى استكمال تطبيق هذا النظام عن طريق تطوير وتعديل دساتيرها تلبية واستجابة لمعطيات التطورات الاجتماعية و الاقتصادية للشعوب وكذا التعاطي مع التغير والتطور في أدوار ووظائف الدولة في العصر الحديث .
ذلك أنه في الوقت الذي يكون فيه دستور الدولة هو القانون الأساسي للدولة فإنه في نفس الوقت لابد أن يعبر عن مضمون البيئة الثقافية والفكرية والحضارية السائدة في المجتمع الأمر الذي يتطلب تحقيق قدر من التوافق والانسجام بين الواقع الجديد الذي أفرزته معطيات التغير والتحديث في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمجتمعات وبين أنظمتها الدستورية التي تمثل قواعد قانونية خاضعة للمنطق الذي يواكب ويتسع للتحولات وقابله للتغير طبقاً لقانون التطور المستمر في حياة المجتمعات .
نظام الثنائية البرلمانية
أولاً : مبادئ تكوين مجلسي البرلمان:-
1– المبادئ التي يتم مراعاتها في تكوين الغرفة البرلمانية الأولى (المجلس النيابي):
أ) طرق اختيار النواب : يجري اختيار النواب عادة عن طريق الانتخابات الحر المباشر في إطار من السرية والمساواة .
ب) مدة العضوية : تكون المدة قصيرة نسبياً، حتى يتمكن الناخبون من مراقبة نوابهم.
ج) شروط العضوية : يشترط سن معين وقدر معين من التعليم .
د) أساس التمثيل : على أساس نائب لكل عدد معين من السكان .
ه) مناطق أو دوائر التمثيل : تقسم الدول عادة أقاليمها أو محافظاتها إلى مناطق أو دوائر انتخابية يمثل كل منها نائب واحد أو أكثر حسب النظام الانتخابي المتبع.
و) مبدأ الأكثرية ومبدأ الأغلبية في الانتخابات : تأخذ الدول ذات الحزبين كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بمبدأ الأكثرية في الانتخابات أما الدول ذات الأحزاب المتعددة فتأخذ بمبدأ الأغلبية فالمرشح الحاصل على الأغلبية المعينة يفوز وفي حالة عدم حصول أحد على هذه الأغلبية تعاد الانتخابات بين المرشحين الذين حصلوا على أكبر عدد من الأصوات ومن يحصل على الأغلبية المطلوبة يفوز بتمثيل الدائرة .
2- المبادئ التي يتم مراعاتها في تكوين الغرفة البرلمانية الثانية :
أ) طرق الوصول إلى العضوية : عن طريق الانتخاب الغير مباشر أو التعيين، أو عن طريق الانتخاب غير المباشر والتعيين معاً .
ب) مدة العضوية : تكون مدة العضوية متوسطة نسبياً ويتجدد ثلث أو نصف الأعضاء عند نصف أو ثلث مدة المجلس .
ج) شروط العضوية : يشترط كفاءات وخبرات عالية إضافة إلى الشروط الواجب توفرها في عضو المجلس النيابي .
د) اساس التمثيل : التمثيل النسبي لمختلف الفئات والتكوينات والتخصصات الفاعلة في المجتمع بعضو أو عضوين أو ثلاثة أو أكثر حسب حجم وأهمية الجهة أو التكوين الذي يمثله العضو .
ه) مبدأ الانتخابات ومبدأ التعيين : حسب الأسس والضوابط المطبقة على الانتخاب غير المباشر أو التعيين .
ثانياًً : العلاقة بين مجلسي البرلمان :
ظلت المساواة في الحقوق والواجبات بين مجلسي البرلمان سائدة حتى نهاية القرن التاسع عشر وفي بداية القرن العشرين أصبح التوجه واضحاً نحو إعطاء المجالس النيابية سلطات أوسع، وقد جرت العادة أن يتم اقتراح القوانين في المجلس النيابي وتكون مهمة المجلس الأخر مراجعتها ونقدها وإن كان في بعض الدول تقترح القوانين في كل من المجلسين تباعاً بدون تفرقة فما يقترحه أحد المجلسين يتولى الأخر نقده ومراجعته، إلا أن أكثر الدول تجعل مهمة اقتراح القوانين من اختصاص المجلس النيابي وبالتالي فإن مهمة المجلس الثاني الأساسية هي دراسة القوانين بعناية ودقة بعيداً عن الانفعالات النفسية التي قد يتعرض لها أعضاء المجلس النيابي بحكم التنافس الحزبي بين الكتل البرلمانية، وقد أخذت دول عديدة بنظام المجلسين ومنها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وكثير من الدول الأخرى بما فيها بعض الدول العربية ولكن العبرة هي بالدور الذي يقوم به المجلسين، وفي الدول التي لا يوجد فيها مجلس نيابي منتخب تم إنشاء مجالس سميت بمجالس شورى أو استشارية تمارس بعض الصلاحيات التشريعية وتؤكد الدراسات المتخصصة العديدة لنظام المجلسين عن أهم ما يتمتع به من مزايا تتمثل في الأتي :
1- مميزات نظام الثنائية البرلمانية :
أ) رفع مستوى كفاءة المجالس النيابية :
يتيح نظام المجلسين إدخال العناصر ذات الخبرة والكفاءة في السلطة التشريعية وبالتالي الاستفادة من هذه الخبرات والكفاءات في وضع التشريعات إلى جانب النواب في المجلس المنتخب وهو ما يؤدي إلى إثراء المجالس النيابية ورفع مستوى كفاءتها … ويتيح هذا النظام كذلك إمكانية استيعاب ممثلي فئات ومصالح هامة في المجتمع قد تنائي بنفسها لأسباب عدة عن خوض غمار التنافس الحزبي والمعارك الانتخابية على الرغم من قدرتها على المشاركة الإيجابية في الحياة العامة وعلى الرغم من حاجة المجتمع لمساهماتها الفكرية والعملية في صنع السياسات والقرارات .
ب) استقرار التشريع :
يؤدي نظام المجلسين إلى منع التسرع في إصدار القوانين وإلى تقليل ما قد يكتنفها من أخطاء أو غموض أو عدم واقعيته وبالتالي إلى استقرار القوانين وعدم الحاجة إلى التعديل المتسارع للقوانين بعد فترة وجيزة من صدورها.
ولاشك أن العيوب تظل احتمالات وجودها واردة بكثرة في حالة الاعتماد على مجلس واحد ولكنها تقل وتتراجع – ولا نقول تنعدم – عند الأخذ بنظام المجلسين..
إن ضمان إصدار التشريعات بعد التروي والتمحيص اللازمين والاطمئنان إلى استجابة هذه التشريعات وما تتضمنه من أحكام لمتطلبات حياة الفرد والمجتمع هو الهدف الأسمى من وراء الأخذ بنظام المجلسين وهو هدف يكفي بذاته مبرراً كافياً للاقتناع بأفضلية نظام المجلسين.
ج) تهدئة الغلو والاندفاع :
في نظام المجلس الواحد تزداد احتمالات اتجاه السلطة التشريعية نحو الغلو والاندفاع لأسباب عدة من بينها حدة التنافس الحزبي أثناء الانتخابات وما بعدها بحيث تحاول كل كتله برلمانية حزبية السعي لتغليب وجه نظرها ودفع السلطة التشريعية إلى تبني مواقفها الحزبية سواء في التشريع أو في غير ذلك من القرارات.
وينطبق ذلك حتى على كتلة الأغلبية في البرلمان . ولا شك أن حدوث مثل ذلك سيؤثر حتماً على الأداء المتوازن والسليم للسلطة التشريعية وربما يؤدي إلى وقوع أزمات متكررة تعيق كامل المنظومة السياسية عن أداء مهامها بالكفاءة المطلوبة، وهنا نجد أن الأخذ بنظام المجلسين من شأنه أن يحد من وقوع هذه الاحتمالات وأن يساهم في تهدئة الغلو والاندفاع وبالنتيجة يحافظ على الأداء المتناغم لمكونات النظام السياسي بدءاً من المحافظة على سلامة أداء السلطة التشريعية.
د) تخفيف حدة النزاع بين البرلمان والحكومة:
نظراً إلى أن النزاع بين الحكومة والبرلمان هو من الأمور الطبيعية والمتوقعة في النظم الديمقراطية، ولما كان مبدأ الفصل بين السلطات يعطي للبرلمان حق محاسبة الحكومة وحق حجب أو سحب الثقة منها وبالمقابل يعطي للسلطة التنفيذية حق حل البرلمان أو الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة فلابد من وجود إمكانية للتخفيف من حدة هذه النزاعات والسعي إلى التوفيق بين وجهتي النظر المتقابلتين لكل من البرلمان والحكومة، وهذه الإمكانية تتمثل في المجلس الثاني الذي يستطيع بحكم تكوينه وخبرته ومكانته ودوره أن يلعب هذا الدور الهام في التخفيف من حدة النزاع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لمصلحة الجميع.
2- عيوب نضام المجلسين :
أ) تأخر وبطئ إنجاز الأعمال والاتجاه نحو خلق روتين جديد، ويمكن تلافي ذلك بوضع نظام فعال للتنسيق والمتابعة الفاعلة بين المجلسين.
ب) قد يترتب على وجود مجلسين تباين بينهما داخل الهيئة التشريعية، ويمكن تلافي ذلك أيضاً بالتنسيق والمتابعة .
ج) زيادة النفقات بسبب وجود توسع في السلطة التشريعية بوجود المجلس الثاني .
ثالثاً : تنامي التوجه العالمي نحو الأخذ بنظام الثنائية البرلمانية :
نشأت وتطورت مجالس التمثيل الثنائية بنماذج مختلفة من حيث تشكيلها ووظائفها وأهدافها حيث تنامي عدد الدول المطبقة لنظام الثنائية البرلمانية بصورة مضطردة ويأتي التوجه العالمي المتزايد نحو تطبيق هذا النظام على اعتبار أن نظام الثنائية البرلمانية يعد ضمن أفضل الخيارات والبدائل المتوفرة حالياً أمام الدول التي تسعى نحو تطوير أنظمتها الدستورية كون هذا النظام يقع في صميم وصلب النهج الديمقراطي الذي يشهد إقبالاً متزايداً من قبل الكثير من دول العالم، حيث يعد اعتماد وتطبيق هذا النظام من قبل تلك الدول بمثابة الاستجابة العملية والواقعية لإفرازات الحراك الاجتماعي والتطور الاقتصادي والمعرفي للشعوب، باعتباره إطاراً مناسباً لاستيعاب صور المطالب الشعبية المتزايدة بحكم ما يكفله هذا النظام من تعدد وتنوع، فمن جهة يضمن التمثيل المتساوي لمختلف المناطق حسب نسبة السكان في المجالس النيابية ومن جهة أخرى يكفل تمثيل مختلف الفئات والتكوينات الفاعلة في المجتمع في عضوية المجالس العليا ومن جهة ثالثة يكفل النجاح للعملية التشريعية من خلال اشتراط كفاءات وخبرات وتخصصات للاستفادة منها ضمن السلطة التشريعية إضافة إلى أن هذا النظام أي نظام الثنائية البرلمانية ظل أكثر الأطر السياسية المناسبة والملائمة لاستيعاب معطيات التطورات الاجتماعية للشعوب والمتغيرات الاقتصادية للدول حاضراً ومستقبلاً.
الأمر الذي دعا باقي الدول للتوجه نحو الأخذ بهذا النظام على اعتبار أن النماذج التي جسدت هذا النظام أثبتت أنه أفضل الأنظمة البرلمانية القادرة على استيعاب التطور الاجتماعي والاقتصادي للشعوب والدول في العصر الحديث.
الخاتمة:
لو أمعنا النظر فيما أعُطي لمجلسي البرلمان في الدول المطبقة لنظام الثنائية البرلمانية من صلاحيات تشريعية واسعة ومتساوية للمجلسين، لوجدنا أن مجلسي البرلمان في تلك الدول يتوليان القيام بأعمال السلطة التشريعية تباعاً وعلى إنفراد في المسائل العادية أو مجتمعين في المسائل الهامة ولا يستطيع أي من المجلسين الانفراد بالعملية التشريعية دون وجود الأخر.
ولا يمكن النظر إلى نظام الثنائية البرلمانية على أنه نظام وليد اللحظة بل هو نظام قائم بحد ذاته، وقد مضى على نشأته أكثر من ثلاثة قرون، وقد حقق نجاحات كبيرة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من أهمها تعميق الوحدة الوطنية والاستقرار الداخلي ورفع مستوى الكفاءة والفاعلية في أداء السلطة التشريعية وخلق التوازن بين السلطات في الدول المطبقة لهذا النظام.
حيث أن نظام الثنائية البرلمانية يرتكز على توسيع وتأطير واستيعاب المشاركة الشعبية بالتمثيل الشعبي العام لمختلف المناطق حسب نسبة السكان والتمثيل الشعبي النوعي والنسبي لمختلف الفئات والتكوينات والكفاءات والخبرات والتخصصات الفاعلة في المجتمع من خلال مجلسي البرلمان.
وإن الدارس والمطلع والمتتبع للنجاحات التي حققتها النماذج المطبقة لنظام الثنائية البرلمانية يجد أن إمكانات وعوامل التطبيق والنجاح لهذا النظام متوفرة وموجودة في جميع الدول التي لم تطبق هذا النظام بعد.
خاصة في ضل المعطيات التي أفرزتها وفرضتها طبيعة المتغيرات والتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعوب والدول في العصر الحديث الأمر الذي قد يدفع باقي الدول للأخذ بهذا النظام والاستفادة من إيجابياته التي أثبتتها النماذج والتجارب المطبقة على مدى قرون وعقود عديدة خلت.
منظمات المجتمع المدني و حقوق الإنسان ودورها في تنمية الديمقراطية
|
يعتبر الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في العصر الحالي نوع من التحدي الذي لا يخفى عليكم، ويسعدنا في هذا المؤتمر الذي يعقد اليوم في “صنعاء” أن نبحث سوياً عما يمكن أن تضيفه كل من الديمقراطية وإعمال حقوق الإنسان على رفاهية واستقرار وتقدم وتطور شعوبنا من حيث هي أسلوب حياة عالمي يجدر بالجميع احترامه وتفعيله على المستويين القطري والإقليمي، ويمكننا أن ننظر إلى موضوع الديمقراطية وحقوق الإنسان من اتجاهين أساسيين:
الأول: اتجاه عمودي ويتمثل بعلاقة المواطن بالدولة، أو بتعبير آخر هو ترسيخ وتفعيل الحقوق التي لها صفة الإحتجاج والمطالبة بحقوق المواطنين تجاه الدولة، وذلك عبر تمكين المواطن العادي بقدرات ذهنية ومعلوماتية للحكم على الأشياء والأحداث بشكل عقلاني وتمكينه من الحركة المنظمة نحو تحقيق هذه المصالح في إطار النظام العام والسياسات العامة.
الثاني: فهو ما للآخرين من حقوق علينا، وهو ما يتطلب واجب التضامن والتعاون والتكامل والشراكة مع المجتمع الدولي.
وليس خافياً أن مشكلة العلاقة بين الموطن والدولة أو بين الفرد والمجتمع لا زالت ضاربة بجذورها في البلدان النامية، حيث يعيق التخلف الذي تعيشه هذه البلدان وحالة الفقر التي هي عليها ممارسة هذه الحقوق، فالتنمية تصبح شرطاً يكفل ممارسة فعلية للديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكنه شرطاً غير كافٍ إذ أن الديمقراطية وحقوق الإنسان ليست حكراً على الدول والمجتمعات التي قطعت شوطاً كبيراً في مجال التنمية، وسيكون من الغريب جداً أن يقال للشعوب الفقيرة أنتم فقراء فلا يحق لكم الاستفادة من الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيكون من العبث أيضاً التحجج بالتنمية إذا كان عدم احترام حقوق الإنسان هو القاعدة المعمول بها في بعض البلدان سواء قبل التنمية أو بعد البدء بها.
مما يوضح أنه إذا كانت التنمية أساسية لممارسة الديمقراطية وحقوق الإنسان فأنها لا تكفي وحدها لتحقيق احترام هذه الحقوق.
والحقيقة أن الديمقراطية وحقوق الإنسان كحقوق فردية، والحق في التنمية ليسوا على طرفي نقيض، ويجب أن نميز بين الحق في التنمية كحق للشعوب، والحق في التنمية كحق للإنسان بل يجب التأكيد على كلا الحقين.
إن فكرة المطالبة بممارسة فعلية لهذه الحقوق تعني أخذ البعدين بعين الاعتبار بغض النظر عن اختلاف البشر، فالاختلاف أيضاً هو حق من حقوق الإنسان.
وما هو هام بالنسبة للناس في الوقت الحاضر هو تعايشهم مع وجود هذا الاختلاف بينهم، مما يستدعي وجود تعاون وتكامل مشترك باعتبار أن هم كافة بلداننا هو هم واحد ألا وهو هم الارتقاء بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
إن مطالب التحديث والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وتطوير التعليم هي مطالب وطنيه ثابتة وليست مستحدثه في المجتمعات العربية ومجتمعات القارة الأفريقية.
ومن الأمانة القول أيضاً بأن كثير من الحكومات الأفريقية والعربية قد تبنت دون ضغوط خارجية برامج مختلفة للإصلاح الاقتصادي والتطوير الديمقراطي. مثلما صدقت معظمها على المواثيق الدولية بشأن كفالة واحترام مبادئ حقوق الإنسان بصيغتها العالمية.
وفي هذا السياق فليس هناك ما يبرر التخوف من تحمل مجالسنا التي تعقد مؤتمرها اليوم (مجالس الشيوخ والشورى في أفريقيا والعالم العربي) لراية السبق في تفعيل وتجذير قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان عبر إشراك منظمات المجتمع المدني في تحمل مسئولية نشر تلك القيم والمبادئ باعتبار أن هذه المجالس هي في الأساس جزء أساسي من بنية منظمات المجتمع المدني بمعناها الواسع.
باعتبار أن الدعوة العامة للديمقراطية وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية وتمكين مختلف فئات وشرائح المجتمع من المساهمة بفاعلية في العملية السياسية والتنموية هي دعوة صحيحة في ذاتها مع الأخذ بعين الاعتبار البيئة أو البيئات الثقافية والمجتمعية في بلداننا.
ولذلك فإن النقطة أو القضية الأكثر أهمية هنا هي أن التطور الديمقراطي لأي مجتمع يصعب إختزاله في مجرد إجراءات أو حتى تشريعات ومؤسسات تنقل من مجتمع إلى آخر، رغم تسليمنا بأهمية هذه الخطوات خاصة وأن التجربة قد أثبتت نجاحها في الدول التي سبقتنا في اعتناقها وكونها أضحت من الشروط الواجب توافرها أولاً لتفعيل مبادئ وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويعني ذلك أن مسؤولية غرس هذه القيم والمبادئ تقع في جزء كبير منها على مجالسنا التشريعية مع الأخذ بعين الإعتبار إرتباط ذلك ارتباطاً وثيقاً بثقافة مجتمعاتنا وبعاداتنا وتقاليدنا وأنماط السلوك في مجتمعاتنا.
والواقع أن استعداد مجتمعاتنا لدفع التطوير الديمقراطي بها لا يعتمد فقط على قبولها بمبدأ توسيع المشاركة السياسية من خلال دورية الانتخابات ولكنها تعتمد بشكل رئيسي على مدى الوعي السياسي والتنوير الثقافي لدى غالبية المواطنين باعتبارهم الفاعلين الرئيسيين الذين يعطون لهذه العملية مضمونها الحقيقي بكل ما تضمنه من قيم ومعان تحترم الحرية الفردية وحق الاختيار سواءً على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو في مجال الحقوق المدنية وهي المعاني التي تجسد البعد الثقافي للديمقراطية.
وما يمكن أن يساعد في تحقيق ذلك هو توفر الإرادة الواعية لدى النخب الوطنية في مجتمعاتنا، ووضوح الخيارات لديها في غرس القيم الإيجابية للحرية والديمقراطية.
ويسعدنا أن نستعيد معا التذكير بالمعاني والمصطلحات السائدة للديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني.
1) الديمقراطية :
تعرف الديمقراطية بمعناها العام بأنها حكم الشعب نفسه بنفسه ولكن تعريف الديمقراطية كما نجدها اليوم فأنها تعني، ذلك الشكل من الحكم الذي يتوافق مع احترام فئات حقوق الإنسان الخمسة وهي :
-
الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية والثقافية .
-
وتميز الديمقراطية أربع سمات أساسيه هي :
-
أجراء انتخابات حرة ونزيهة وهذا يسهم في إعمال الحق في المشاركة السياسية ويسهم في التداول السلمي للسلطة.
-
السماح بوجود وسائط إعلام حرة ومستقلة وهذا يسهم في حرية التعبير والفكر والضمير.
-
فصل السلطات الثلاث وهذا يساعد على حماية المواطنين من انتهاك حقوقهم المدنية والسياسية.
-
التشجيع على وجود مجتمع مدني مفتوح وهذا يسهم في إعمال الحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والأحزاب والانضمام إليها.
-
وتشمل هذه الحقوق السياسية حرية الجماهير في التعبير عن إرادتها وحريتها في التنظيم من خلال حق الاجتماع، على أن يكون مفهوماً أن حريتها في التعبير هي حريتها في ضمان تدفق آرائها بغير عائق،وفي استقلال وسائل الإعلام وأن يكون تركزها في يد واحدة محظوراً كأصل عام.
ويبدو مما تقدم أن الديمقراطية تفترض في جوهر متطلباتها، أن يكفل الدستور والمشرع حق المواطنين في التأثير بصورة متكافئة في كافة الأوضاع التي تؤثر في شئونهم ونمط حياتهم.
والجماهير في الدول الديمقراطية معنية كذلك بأن تعمل أجهزتها وتنظيماتها المختلفة بناء على تفويض منها يصدر عنها من خلال أصواتها التي تعطيها في الحملة الانتخابية لمن يفوز بثقتها من بين المرشحين والمتزاحمين فيما بينهم على الظفر بمكان يؤهلهم لتولي العمل العام .
والجماهير بذلك تفوض أشخاصاً بذواتهم في مباشرة أعمال حددتها لهم على ضوء المفاضلة التي تجريها بين المتنافسين على توليها.. وإرادة الاختيار هذه هي التي تحدد للحكومة برامجها والعريض من خطوط سياستها، وكذلك أولوياتها في العمل.
ولذلك فإننا نطمح من خلال مؤتمرنا هذا أن تعمل بلداننا سوءا في أفريقيا أو في الوطن العربي على تعزيز التوجهات الديمقراطية التي بدأتها كل الدول وان بدراجات متفاوتة – والاستمرار في نشر قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان لآن النتيجة المؤكدة لذلك هي مزيد من الرقي والتقدم والتنمية المستدامة لمجتمعاتنا.
2) حقوق الإنسان:
تتزايد أهمية طرح قضايا حقوق الإنسان في العالمين العربي والإفريقي في الوقت الحاضر. أن المفهوم المعاصر والمتداول لحقوق الإنسان – أنها تلك الحقوق الأصلية واللصيقة بالإنسان والتي لا يفقدها المرء لأي سبب كان,,, أنها الحقوق التي أكتسبها الإنسان كونه ولد إنسان ولا تزول عنه وهي تُعنى في الأخير بحفظ وصيانة كرامة الإنسان أنها تلك الحقوق التي وهبها الله للإنسان عندما أستخلفه على الأرض ( ولقد كرمنا بني ادم….. ) الآية.
وحقوق الإنسان حقوق كلية لا تتجزأ, فهي حقوق أخلاقية عامة تعود للناس كافة لكونهم بشراً ويدركها الإنسان أينما كان في هذا الكوكب فهي حقوق أصلية كلية وعالمية ويتمتع بها الإنسان أينما كان في أي بلد في الشرق أو الغرب.
ويأتي هذا المفهوم ليرد على بعض المقولات الخاطئة التي ما فتئت ترى في حقوق الإنسان حقوق مجزاة يمكن قبول بعضها وإلغاء البعض الأخر مثل إلغاء حقوق السياسية دون الاقتصادية أو إلغاء حق بعينة دون الحقوق الأخرى، بينما هذه الحقوق كل لاتتجزأ كما أنها ليست حصرا على رقعة جغرافية بعينها وأنها للإنسان أينما وجد وحيث يكون.
3) المجتمع المدني:
يعد مفهوم المجتمع المدني مفهوماً محورياً في سياق الحديث عن بناء الدولة الحديثة المتسمة بالتعددية السياسية، وقد شاع استخدام هذا المفهوم منذ بدايات العقد الأخير من القرن العشرين وأصبح أكثر انتشارا عند الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكلها من سمات هذه المرحلة والتي أعقبت انتهاء الحرب الباردة، والاتجاه المتزايد نحو التحول الديمقراطي.
وهناك مفهوم عام للمجتمع المدني يشير إلى دولة المؤسسات ذات الإطار التعاقدي الذي يمنح الأفراد كيانا مستقلا ويعبر عن مجتمع يقوم على سيادة الشعب وتبنى الديمقراطية والتعددية السياسية وحماية الإنسان والتداول السلمي للسلطة.
وبناء على ذلك فإننا نطمح من مجالس الشيوخ والشورى والبرلمانات المشاركة في مؤتمرنا هذا أن تعمل جاهده على تأسيس منظمات مجتمع مدني في بلدانها متوفر فيها الشروط التالية والتي ستمكنها من أن تكون ذات تأثير وفاعلية في حركتها داخل هذه المجتمعات :
1) مجتمع مدني يضم مؤسسات تستطيع أن تلعب دور الفاعل في عملية التغيير الاجتماعي والسياسي والثقافي، وكلما تطورت كلما تطور دورها في عملية التغيير، وكلما أتسمت بمرونة أكبر في استجابتها للبنية الاجتماعية.
2) إن المجتمع المدني المتطور هو قائم على المبادرة والنزوع إلى العمل التطوعي في إطار مشاركة منظمة وهو ركن أساسي في ثقافة بناء المؤسسات.
3) إن مؤسسات المجتمع المدني التي نصبو إليها في المستقبل، ينبغي أن يتوافر لها وعي ورؤية، أو ما يمكن أن نطلق عليه “موقفاً نقدياً” فهي تمتلك تصوراً واضحاً لخريطة المجتمع ومصادر القوة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ونقاط الضعف، هي مؤسسات لديها تصور واضح للتغيير الاجتماعي، وتتبنى مواقف الدفاع والمناصرة لمساندة فئات أو قطاعات أو جماعات سواء على مستوى الحقوق المدنية، أو الحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية.
4) إن مؤسسات المجتمع المدني “المتطور” الذي نتطلع إليه، لا تتبنى فقط “الدور الإلحاقي” أي معالجة القضايا والمشكلات بعد حدوثها، وإنما تتجاوزه إلى “الدور التوازني” الذي يسعى إلى تحقيق توازن المجتمع والإسهام في عملية التحول الاجتماعي.
5) هي إذن مؤسسات مدنية لا تقتصر على تقديم الخدمات وأشكال الرعاية الاجتماعية، وإنما هي مؤسسات مدنية تتبنى قضايا التمكين Empowerment ” “
6) إن المجتمع المدني الذي نتطلع إليه في عصر العولمة، هو ذلك الذي يأخذ بالنظرة الكلية الشاملة، بمعنى أن مشكلات المجتمع تقع في كل مترابط مع الأبعاد الإقليمية والدولية، والتعامل مع القضايا والمشكلات.
7) إن المجتمع المدني المتطور هو ذلك الذي تتبنى مؤسساته “ميثاق شرف أخلاقي تتوافق حوله، ويصبح هو المرجع النهائي لتقييم ممارساتها، إنه ميثاق أخلاقي يقوم على الالتزام بفكرة الشرعية الديمقراطية والمساءلة والشفافية.
نحن على يقين كامل أنه من أجل تسهيل هذه العملية نحو التحول والتكامل الاقتصادي، فإنه من الضروري العمل على مشاركة شعوبنا في عمليات الحكم والتنمية. إن وجود مناخ سياسي يضمن حقوق الإنسان وحكم القانون سيؤدي إلى ضمان مزيد من المحاسبة وخاصة بالنسبة لمن يتولون مناصب عامة. وإضافة إلى ذلك فإن العملية السياسية التي تقوم على أساس المشاركة الشعبية ستؤدي إلى مشاركة الجميع وخاصة المرأة والشباب في عمليات التنمية. ولهذا فإننا نوصي بمزيد من الديمقراطية في مجتمعاتنا وتدعيم المؤسسات الديمقراطية في بلادنا. ونحن نؤكد على حق دولنا في أن تحدد، بكل سيادة نظمها، الديمقراطية على أساس القيم الاجتماعية والثقافية آخذين في الحسبان الحقائق الموجودة في كل من دولنا وضرورة ضمان التنمية والاحتياجات الأساسية لشعوبنا. ولهذا فإننا نؤكد على أن الديمقراطية والتنمية يجب أن يسيرا جنباً إلى جنب ويقوي كل منهما الآخر.
من العرض السابق يمكن لنا أن نستخلص عدة أمور أهمها ما يلي:
1) أن الديمقراطية في أفريقيا والوطن العربي لا زالت في أطوارها الأولى فالجزء الأعظم من دولنا لم تتجاوز أربعين عاماً على استقلاله وهي فترة قصيرة في عمر الدول قياساً على العقود الطويلة التي مرت قبل أن تنضج التجربة الديمقراطية في أوروبا مثلاً.
2) أن النظام الديمقراطي، وبمعنى أدق الممارسة الديمقراطية، ضرورية من أجل تحقيق تقدم حقيقي للإنسان الأفريقي والعربي سواء في مجال شعوره بالحرية ومشاركته في أمور بلاده أو في ضمان حقوق الإنسان بل ومن أجل التقدم الاقتصادي نفسه. ولا يمكن التحجج هنا بأن الأولوية هي لانتشال الإنسان من الفقر وحتى يتحقق ذلك يمكن تأجيل الممارسة الديمقراطية إلى ما بعد ذلك.
3) أن لا تكون الممارسة الديمقراطية في البلدان العربية والإفريقية قاصرة على ما يمكن أن نسميه “بالصفوة” أي سكان العواصم وبعض المدن الرئيسية والسياسيين المخضرمين، دون أن تمتد إلى غالبية السكان الذين يسكنون في الريف.
4) أنه بالرغم من بعض القصور ومظاهر الضعف في التجربة الديمقراطية في بعض دول أفريقيا أو بعض دول الوطن العربي، إلا أنها تبشر بمستقبل لا بأس به على ضوء قصر التجربة الديمقراطية، وانفتاح الشعوب على التجارب الديمقراطية في مختلف أنحاء العالم،
5) أن التجربة الديمقراطية في الوطن العربي وأفريقيا يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع الإصلاح الاقتصادي والقضاء على الفقر وزيادة نسبة المتعلمين في المجتمع.
ونقترح أن يخرج اللقاء بمبادرة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان تشتمل على العناصر الآتية :
– سلسلة من الالتزامات بواسطة البلدان المشاركة باستحداث أو تعزيز عمليات وممارسات الإصلاح السياسي.
– التزام من جانب البلدان المشاركة بلعب دور طليعي في دعم المبادرات التي تشجع الحكم الرشيد.
– إضفاء الصبغة المؤسسية علي الالتزامات عن طريق قيادة الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا والعالم العربي لضمان الالتزام بالقيم الجوهرية للمبادرة علي أن تتولي دول الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا والوطن العربي التعهد بسلسلة من الالتزامات من أجل تلبية المعايير الأساسية للحكم الرشيد والسلوك الديمقراطي وبغية تعزيز الإدارة السياسية وبناء القدرات للوفاء بهذه التعهدات وبالتركيز على :
ـ الخدمات الإدارية والمدنية.
ـ تعزيز الإشراف البرلماني.
ـ تعزيز عملية صنع القرار القائمة علي المشاركة.
ـ إقرار تدابير فعالة لمحاربة الظواهر المخلة بالأداء العام.
ـ القيام بإصلاحات قضائية.
وفي هذا المجال يمكن إعطاء لمحة موجزة عن تجربة الجمهورية اليمنية في مجال الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني حيث ارتبط نمو وتطور منظمات المجتمع المدني في اليمن بالتطورات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي شهدتها اليمن، وخاصة بعد تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990م والتي جاءت كانعكاس لما شهده العالم بأسره من تحولات شملت كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مما كان له أكبر الأثر في نمو وتطور منظمات المجتمع المدني في اليمن، فانتهاج الديمقراطية والإقرار بالتعددية السياسية وإعمال حقوق الإنسان أتاح فضاءاً واسعاً لظهور العديد من منظمات المجتمع المدني كالأحزاب السياسية والمنظمات والجمعيات الأهلية العاملة في المجال الرعائي والخدمي أو في المجال التنموي أو في الجمعيات المهنية والنقابية، أو المنظمات ذات النفع العام وتلك العاملة في ميدان الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية وانعكاساً لمجمل الظروف والأوضاع نلاحظ أن غالبية المنظمات المدنية في اليمن تنشط في المجال الرعائي والخدمي والتنمية المحلية فبحسب إحصائية عام 2003م بلغ إجمالي عدد المنظمات غير الحكومية المسجلة (4306) منظمة منها (1890) جمعية ومنظمة مدنية تعمل في مجال التنمية المحلية كما أن هناك (661) جمعية تعاونية، وهذه المنظمات أما أنها عامة يغطي نشاطها كل مناطق الجمهورية – وهي قليلة – أو محدودة النشاط جغرافياً على مستوى المحافظات أو المديريات أو المراكز، والواقع أن القيمة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية للمنظمات المدنية يتحدد بناءً على مدى قدرتها على تبني وتحقيق أهداف محددة والقيام بأنشطة تساهم في إشباع الحاجات المادية وغير المادية للفئات المختلفة في المجتمع، والتي تحول إمكانيات الدولة دون تقديمها أو التي يقدمها القطاع الخاص بتكلفة عالية، تفوق القدرة المالية لتلك الفئات، وكذلك بمدى قدرتها على تأطير المواطنين وتشجيعهم على المشاركة الديمقراطية في صنع السياسات العامة وتنفيذها.
وقد رافق تبني الدولة للديمقراطية والتعددية السياسية كآلية للحكم منذ عام 1990م بعد تحقيق الوحدة، تنامي وزيادة حجم وفاعلية منظمات المجتمع المدني العاملة في المجال الحقوقي وبالذات المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان حيث بلغ عدد هذه المنظمات 129 منظمة بنهاية عام 2003م، وشرعت هذه المنظمات منذ بداية تأسيسها في ممارسة عدد من الأنشطة المتعلقة بحقوق الإنسان بما في ذلك مراقبة أداء الأجهزة الحكومية ومدى التزامها بالمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وقد توسعت أنشطة المجتمع المدني في هذا المجال بحيث انتقلت من مستوى نشر ثقافة حقوق الإنسان إلى مستوى الدفاع عن حقوقه، ورصد بعض الانتهاكات سواء من قبل الجهات الحكومية أو المنظمات شبه الحكومية أو حتى الأفراد. ويدخل ضمن منظمات المجتمع المدني الأحزاب السياسية، باعتبارها جزء من هذه المنظمات، وقد أدى شيوع مفهوم الديمقراطية وإقرار التعددية السياسية إلى إعلان تأسيس الأحزاب السياسية التي كانت في السابق تعمل في إطار سري، وأسست أحزاب جديدة في ظل هذا المناخ، وبلغ عدد الأحزاب السياسية 22 حزباً وتنظيماً سياسياً عام 2003م وهي الأحزاب المرخصة بموجب قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية، وبالإضافة إلى ذلك هناك عدد من منظمات المجتمع المدني، يمكن تصنيفها ضمن المنظمات العاملة في المجال الحقوقي منها المنظمات العاملة في مجال حقوق المرأة والطفل، تصل إلى حوالي 53 منظمة تعمل في مجال المرأة و 11 منظمة تعمل في مجال حقوق الطفل وغيرها من المنظمات العاملة في هذا المجال.
وقد تحققت جملة من الفوائد لليمن جراء نشاط هذه المنظمات وفي ظل المناخ الديمقراطي الذي تعيشه اليمن ومنها:
1) تعزيز قدرات الأفراد على تعبئة مواردهم ونشاطاتهم وفق مشاركة جماعية.
2) رفعت وعي الأفراد بأهمية تنمية وتحسين حياتهم من خلال مجهودا تهم الذاتية وفق أطر مؤسسية مدنية تدعم وتنظم التكامل والتعاون الجمعي .
3) لعبت دوراً تكميلياً لسياسة الدولة التنموية نتيجة نقص مواردها، فالمنظمات الأهلية لا تقدم فقط خدمات رعائية بل هي أيضا آليات مؤسسية شعبية تستطيع ممارسة الضغط على الحكومة من أجل حثها على تقديم الخدمات للأفراد أو على تغيير سياستها وقراراتها لصالحهم .
4) مثلت استجابة مجتمعية واعية كرد فعل إيجابي على المتغيرات الاقتصادية السالبة أي أنها رد فعل شعبي للتحديات التي تواجهها الدولة والمجتمع معا وكتعويض عن نقص خدمات الحكومة أو ضعفها أو غيابها .
5) حفزت التنمية باعتبارها أوعية (صناديق) محلية ادخارية تحشد التمويل وتجمعه لتنفذ مشاريع صغيرة أو متوسطة مدرة للدخل وتشبع حاجات الناس من الخدمات، كما أنها أطر مؤسسية تتلقى التمويل والمنح والهبات الخارجية وتوجهها لصالح الأفراد .
6) أن مدى نجاح منظمات المجتمع المدني في نشاطاتها الإنمائية والتغييرية تجاه الأفراد خصوصا وتجاه المجتمع عامة يرتبط إلى حد كبير بطبيعة الحكومة والسياسات القائمة وبمدى اتساع الحريات العامة، وعندما يدرك الطرفان (الدولة + المجتمع المدني) ويكونان معا أو يتقاسمان معا منظورا مشتركا بشان التنمية الشاملة وأهدافها وفق إجراءات محددة .
7) عملت على سد فجوات كبيرة فيما يتعلق بالخدمات الاجتماعية خاصة للفئات الفقيرة، ولها أهمية كبيرة في نجاح التنمية الريفية خاصة في مجالات التنمية البشرية كمقابل معادل للتحيز الحضري في التنمية، أي عملت على تقليص وتضييق الفجوة التنموية بين الريف والحضر.
و قد أتاح هذا الفضاء الديمقراطي الذي تعيشه اليمن فرصة للانفتاح والتفاعل مع العالم الخارجي الأمر الذي وسع مجالات التعاون مع المجتمع الدولي على كل الأصعدة بما في ذلك في مجال الديمقراطية و حقوق الإنسان حيث أسهمت اليمن بإيجابيه في التفاعل الفكري و الثقافي الذي تشهده المنطقة و العالم و الهادف إلى تعزيز قيم الحرية و حقوق الإنسان عبر سلسله من الجهود و الأنشطة كان من أبرزها استضافة مؤتمر الديمقراطيات الناشئة في سنه 1999 وكذلك المؤتمر الإقليمي للديمقراطية و حقوق الإنسان و دور المحكمة الجنائية الدولية الذي انعقد في صنعاء في يناير2004 و الذي انبثق عنه إعلان صنعاء حول الديمقراطية و حقوق الإنسان و دور المحكمة الجنائية الدولية الذي تبنته وفود حكوميه وممثلو المجتمع المدني من اثنين و خمسين دوله من بينها كل دول العالم العربي و العديد من الدول الأفريقية الذي أكد على سلسله من المبادئ من بينها أن الديمقراطية وحقوق الإنسان مصدرها ثابت و متجذر في المعتقدات و الثقافات وإن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان تعتبر كل لا يتجزأ.
|